الأحد، 11 نوفمبر 2012

لغتك هويتك فتأملها

اللغة

"لغتك هويتك فتأملها"

إن اللغة كناطقيها تحيا وتنمو وتتطور، يعتريها من الضعف والقوة ما يعتريهم، فهي لسان حالهم المبين، الذي يفصح عن وجودهم، و عن تفاعلهم السرمدي، من لحظة الميلاد إلى يوم الميعاد، تحمل لهم حلم البدايات، ونبوءة النهايات، يمدّونها بأسرارهم فتأسرهم بسرها، حين تكشف عن نفسها، وحين تسفر لهم عن رؤى الأيام ومنابع الإلهام وربيع الأحلام، يوصلونها بفيضهم، فتوصلهم بمنهلها العذب الشديد الزحام، الذي ينبئ عنه صريرُ الأقلام وجَيِّدُ الكلام.
واللغة ملك للأحياء، كما هي ملك للأموات، وملك للأجيال القادمة؛ فهي وُصلة بين الماضي البعيد والحاضر الشهيد والمستقبل الوليد، وهي اللُّحمة التي تقوي الصلة بين الأجيال ، وهي العين الكاشفة لما غبر ولما حضر والمستشرفة لما يُنتظر، وهي الصورة التي تعكس رقي الأمم وتقدمها  أو ضعفها وهوانها، وهي السجل الحافظ لآثارها وما قدمت .
واللغة العربية هي كل ذلك و أكثر من ذلك، وما نعرفه عنها لا يمثل سوى قطرة من محيطها، وهي قطرة يصعب إدراك مداها، يشغل مبتداها عن منتهاها، فلا تغني لحمتها عن سداها، و لا يغني سداها عن عراها، فلنتأمل مبتداها في منتهاها، ولنبحث عن منتهاها في مبتداها.

                                                               الشريف عمر ميهوبي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق